أخبار وطنية محامو الشهداء وأهاليهم: ماضي المحكمة العسكرية غير مشرّف.. والحـكـم أكــثـر إيـلاما من نبأ موتهم
شكلت الاحكام الصادرة عشية يوم السبت 12 أفريل 2014 عن الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية بتونس في قضايا شهداء الثورة وجرحاها بتونس الكبرى وتالة والقصرين وصفاقس التي تراوحت بين ثلاث سنوات سجنا وعدم سماع الدعوى في حق عدد من رموز النظام السابق والموظفين السامين والقيادات الامنية من بينهم وزير الداخلية ومدير الامن الرئاسي وما تضمنته الاحكام الاستئنافية من حطّ ملحوظ للعقوبات الصادرة ضدهم في الطور الابتدائي وتبرئة بعضهم في عدد من القضايا المتعلقة بقتل متظاهرين أو محاولة قتلهم، شكلت صدمة كبيرة لا فقط في صفوف عائلات شهداء الثورة وجرحاها بل كذلك لدى كل فئات المجتمع وشرائحه، فهذه الاحكام تنفي وبصفة جذرية مسؤولية النظام السابق وأوحت بأن تونس لم تقدّم شهداء ثورة بل مجرّد اشباح. ولعل الغريب في الامر ان المحكمة العسكرية اخذت ما يكفي من الوقت لاجراء التحقيقات والابحاث اللازمة وهو ما حافظ على نسبة الامل لدى عائلات الشهداء، أمل تبخر بمجرد النطق بالحكم مساء 12 أفريل، واليوم المحكمة العسكرية مطالبة اكثر من اي وقت مضى بالاجابة عن سؤال جوهري، وهو من قتل شهداء الثورة التونسية؟ والاكيد اننا سننتظر منها الاجابة المقنعة ومحاكمة القتلة خاصة بعد تبرئتها لكل المتهمين...الثابت ان هناك اليوم اغتيالات وهناك عائلات ملتاعة تنتظر من التاريخ ومن القضاء انصافها وانصاف الشهداء.. حيث لا يمكن بأي حال من الاحوال ان نتمتع بالحرية والكرامة طالما أن دم الشهيد لم يجف بعد ...
اخبار الجمهورية حاولت في هذا الملف تسليط الضوء على هذه الأحكام من خلال تعاليق استقيناها من محامين سواء عن هيئة الدفاع عن عائلات شهداء الثورة او عن الطرف المقابل ونقصد المتهمين....
احمد الرحموني: القضايا أحيلت الى محكمة ليس لها ماض مشرّف
من جهته اعتبر رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء احمد الرحموني ان الاحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف العسكرية هي نتيجة ترتبت عن استعمال المحاكم العسكرية في معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان المنسوبة إلى كبار المسؤولين في العهد السابق مبينا ان معايير المحاكمة العادلة في هذه القضايا لا يمكن ان تتوفر في المحاكم العسكرية بل المدنية منها مشيرا انه وفي أوائل الثورة كانت هناك عديد الدعوات الى تحييد وعزل المحكمة العسكرية عن النظر في قضايا شهداء وجرحى الثورة لكن بعض السياسيين اصروا على ذلك وتشبثوا بالمحكمة العسكرية، وبيّن الرحموني انه لم يكن من المفروض احالة قضايا ذات بعد رمزي الى محكمة ليس لها ماض مشرف ولعبت دورا سلبيا في العهد السابق ووقع استعمالها من قبل نظام بن علي لمحاكمة المعارضين، مؤكدا انها ليست المرة الاولى التي تصدر فيها المحكمة العسكرية احكاما مثيرة للجدل مستحضرا الاحكام التي اصدرتها سنة 1991 في قضية براكة الساحل حيث حكمت على عسكريين متهميين بااتعذيب بالسجن مدة 4 سنوات قبل ان تعدّل محكمة الاستئناف الحكم وتكتفي بعامين سجنا ..
وذكر محدثنا ان المحكمة العسكرية لا تستجيب لمتطلبات الحياد وغير مؤهلة بحكم تاريخها وطبيعتها للبت في قضايا ذات بعد رمزي اضافة الى كونها طرف في القضية اي انها الحكم والجلاد، مذّكرا انه لا يمكن لمحكمة غير مدنية ان تنظر في انتهاكات حقوق الانسان من قبل عسكريين وامنيين معتبرا ان الاحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف العسكرية مسيئة للقضاء ولروح العدالة فضلا عن ترسيخها لواقع الافلات من العقاب في محاكمة كبار المسؤولين في النظام السابق.
كما اكد الرحموني ان الاحكام الصادرة استئنافيا لا تتناسب مع خطورة الجرائم المنسوبة إلى المتهمين وان تغيير الوصف القانوني لجرائم القتل العمد او المشاركة فيه على سبيل المثال وتعويضه بالقتل على وجه الخطا او العنف الشديد الناجم عنه سقوط بدني لا يتلاءم مع حقيقة الافعال الثابتة في حق المتهمين .
ودعا الرحموني الى معالجة منصفة لقضايا شهداء الثورة وجرحاها والقطع مع ظاهرة الافلات من العقاب وتبعا لذلك احالة القضايا المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والمنظورة لدى المحاكم العسكرية الى المحاكم المدنية والتعجيل بتنقيح القوانين المتعلقة بالمحاكم العسكرية بما يتماشى مع احكام الفصل 110 من الدستور الذي اقر اختصاصها في الجرائم العسكرية دون غيرها..
ختاما طالب الرحموني باعادة المحاكمات او مراجعة القضايا موضوع الاحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية خلافا للمعايير الدولية بما في ذلك الاحكام الاخيرة سواء باحالتها على المحاكم المدنية العادية او اخضاعها لمقتضيات العدالة الانتقالية وذلك طبقا لتوصيات المقرر الخاص للامم المتحدة المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة حسب تقريره المؤرخ في نوفمبر 2011 واقتراحات عدد من المنظمات الحقوقية كاللجنة الدولية للحقوقيين في تقريرها الصادر في سبتمبر2012.
الاستاذ شرف الدين القليل: هذا قضاء الصفقات
أكد المحامي ورئيس هيئة الدفاع في قضية شهداء وجرحى الثورة شرف الدين القليل ان الحكم الصادر في هذه القضية هو تتويج لصفقة ممتازة بين جهات امنية وعسكرية وسياسية، مضيفا ان قرار الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية بتونس الصادر يوم 12 أفريل الجاري هو عبارة عن تشييع لجنازة الشهداء ولجنازة القانون حيث غضت هذه المحكمة الطرف عن اكثر من 100 دليل مادي يؤكد انخراط نظام بن علي وعلى رأسه علي السرياطي ورفيق الحاج قاسم في مخطط القتل على حدّ تعبيره.
واضاف شرف الدين القليل ان هيئة الدفاع لن تصمت تجاه هذه الفضيحة وستقوم بكل التحركات اللازمة لايقاف هذه «المهزلة» وستصعّد موقفها، مشيرا الى ان المحكمة العسكرية كانت مسلوبة الارادة وعديمة الضمير والكفاءة وقال: «شخصيا عاهدت نفسي بمقاطعة المرافعات امام رئيس المحكمة العسكرية منصف ذويب مدى الحياة وحرّمت على نفسي المرافعة امامه لان هذا الرئيس ترك ضميره في المنزل قبل النطق بالحكم وترك خبرته وكفاءته في درج مكتبه، مع العلم ان هذا الحكم كان جاهزا من 3 أسابيع وهو ما يؤكد وجود صفقة في المسألة».
وختم محدثنا كلامه انه لن يسمح صحبة هيئة الدفاع بخيانة دم الشهيد وسيتم رفع شعار « لا نثق في قضاء الصفقات».
منير بن صالحة :ليس هناك تعارض بين الأحكام والمطالب
أولا اعتقد أنّه لا يوجد تعارض بين الاحكام التي اقرت المحكمة العسكرية وبين حق عائلات شهداء وجرحى الثورة بمعنى ان مطلب العائلات هو معرفة من قتل ابنائهم وليس الحكم على اشخاص بعينهم وبالتالي فمطلبهم ليس الحكم على اكباش فداء بل معرفة هوية القاتل الحقيقي، من جهة اخرى كيف يلوم البعض المحكمة العسكرية على احكامها والحال ان الملفات منقوصة من الادلة وبشهادة هيئات الدفاع». واضاف بن صالح ان منطلق الحكم على قرار المحكمة العسكرية كان شعبويا اكثر منه قانونيا كما استغرب من ردّة فعل النخبة المتسرع في حين انها لم تطلع على ملفات القضايا مبينا ان هذه النخبة ابدت رأيها في الاحكام بهدف ارضاء الشارع التونسي والمتاجرة بدماء الشهداء من جديد كما انها تسعى الى القيام بحملات انتخابية من خلال تدخلها في هذا الملف على حد قوله في حين ان النخبة السياسية بما فيها نواب التأسيسي ووزارة حقوق الانسان لم يساندوا في السابق عائلات الشهداء بل ان قياديا في حركة النهضة وصفهم بقطاع الطرق ـ والكلام لبن صالحة ـ مضيفا أن الاحزاب والنخب تذكرت اليوم وبعد صدور احكام المحكمة العسكرية ان تونس فيها عائلات ملتاعة جراء فقدانها لابنائها .
وبيّن منير بن صالحة ان ملف قضية شهداء الثورة تعهد به القضاء المدني قبل العسكري وان اول مطلب من مطالب الثورة كان احترام استقلالية القضاء مشيرا الى انه من غير المقبول اليوم التشكيك في استقلاليته لان الاحكام لم ترض بعض الاطراف، وقال بن صالحة ان تسجيلات الجلسات تثبت كيف كانت هيئة الدفاع تثني على أداء المحكمة العسكرية واليوم عندما حكمت ضدهم اصبحت محكمة عقد صفقات وفساد..
وأكّد أن القضاء لم يخضع لاي تدخل من اي جهة، طالبا من محامي عائلات الشهداء الذين يشكّكون في استقلالية القضاء العسكري بالتزام الصمت لانهم قبلوا منذ البداية باللعبة.
وأضاف ان محامي المتهمين ضدّ غلق الملفات بالظلم والبهتان وضدّ طلب اعدام مواطن بريء لارضاء الشارع.
واشار بن صالحة انه كان يتمنى من الاحزاب السياسية التي شككت في نزاهة المحكمة العسكرية لو انها استاءت من احداث الرشّ في سليانة او من اغتيال الجنود والامنيين،وواصل كلامه بقوله:« اقول للذين يطالبون باحالة الملف من المحكمة العسكرية الى المدنية ان المحكمة المدنية هي التي حققت في قضية اغتيال شكري بلعيد».
وختم بن صالحة كلامه بقوله:» لسان الدفاع عن المتهمين هم مع ويساندون عائلات شهداء وجرحى الثورة وسوف ننضال من اجل ضمان حقهم وبلوغ الحقيقة وفي نفس الوقت نحن ضد عقلية اكباش الفداء والتلفيق وغلق الملفات بالشعبوية».
نزار عياد: غضب العائلات مقبول.. وتدخل السلط مرفوض
في الجهة المقابلة أكد نزار عياد محامي رفيق الحاج قاسم ان الاحتجاج في صفوف عائلات وجرحى الثورة تجاه الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف العسكرية قد يكون مفهوما وله مبرراته لكنه استغرب من احتجاج رئاسة الجمهورية ونواب المجلس الوطني التأسيسي معتبرا ان امتعاض هاتين السلطتين دليل على عدم احترامهما للديمقراطية التي تنص على ضرورة الفصل بين السلط مضيفا ان تدخل رئيس الجمهورية اكبر دليل على كونه لا يمتلك اي مفهوم عن الدولة.
وذكر نزار عياد ان الفصل 149 من الدستور يقول صراحة :» تواصل المحكمة العسكرية النظر في القضايا المنشورة لديها « مبينا ان الجميع بارك هذا الفصل بمجرّد صدوره بتاريخ 27 جانفي اما اليوم وبعد صدور الحكم انقلبت الموازين وغيّر هؤلاء رأيهم في المحكمة العسكرية لمجرد ان الحكم لم ينل رضاءهم، حدّ تعبيره. واصفا من شكّك في نزاهة المحكمة العسكرية بالراقص على جثث الشهداء والمتاجر بدمائهم .
وعبر الاستاذ نزار عياد عن تأكيد نواب التأسيسي على كونهم سيقومون ببعث قانون يكفل سحب ملفات قضايا شهداء الثورة وجرحاه من المحكمة العسكرية، مؤكدا ان هؤلاء النواب يلهثون وراء الركوب على هذه القضية ويكذبون على عائلات الشهداء واصفا اياهم «بالتجار» وبرّر ذلك بأنه لا يمكن صياغة مثل هذا القانون لأنه سيكون مخالفا لما جاء به الدستور، الذي نص على ضرورة مواصلة المحكمة العسكرية للقضايا المنشورة لديها وبما ان الدستور اعلى هرم في القانون لا يمكن مخالفته بنص قانوني .
وواصل محدثنا كلامه بقوله:» ادعو كل من اتهم المحكمة العسكرية بانها غير مستقلة بان يقدم أدلته وهوية من يتدخل في قرارات المحكمة العسكرية عوض القاء التهم جزافا، ثم هل نسى لسان الدفاع أن القضاء المدني هو من تخلى عن هذا الملف الى القضاء العسكري ..عموما اعتقد ان بعض الاطراف لا تريد الكشف عن هوية القاتل الحقيقي لشهداء الثورة ولا ترغب في مزيد البحث والتحري وتريد تقديم مجموعة من اكباش الفداء بهدف غلق الملف ...».
وختم بقوله ان هيئة الدفاع قدمت لمحامي المتهمين هدية ثمينة وتتمثل في ان الضغط الذي يمارس حاليا سيعتبر ضغطا على قرار محكمة التعقيب وبالتالي من السهل التشكيك في قراراتها مستقبلا والقول انها غير مستقلة.
ليلى حداد: أحكام استهدفت الثورة
اما الاستاذة ليلى حداد فذكرت ان الاحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية بينت ان الشعب التونسي لم يقم بثورة وان قتل وجرحى شباب الثورة لا يرتقي الى الخطورة المرجوة مبينة ان هذه الاحكام هي استهداف للثورة .
وبينت ليلى حداد ان الاحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية نابعة من صياغة جديدة للنصوص القانونية حيث تم اختزال كل ما قام به نظام بن لي من قتل وسفك للدماء الى الاعتداء بالعنف الشديد بمعنى الفصل 219 مؤكدة ان هذا التكييف القانوني شكّل صدمة كبيرة لهيئة الدفاع ولعائلات الشهداء التي تناضل من اجل معرفة الحقيقة لكنها اليوم تجد نفسها مطالبة بتقديم الاعتذار لنظام بن علي .
وواصلت محدثتنا كلامها بقولها :» هذا هو جزاء عائلات شهداء الثورة التونسية بعد ان غنمت الاحزاب المناصب والجاه والنفوذ لقد تعامل هؤلاء مع ملف شهداء الثورة من منطلق مجرد دعاية لحملات انتخابية ثم أهملوه:»
وختمت بقولها:» لقد وصلنا الى مرحلة غدر الثورة التونسية ولسان حال هذا الغدر هو القضاء العسكري ..واليوم الشعب التونسي انقاذ ما تبقى من الثورة والا سيكون الثمن باهضا وستكون النتيجة صفقة ثانية بين رموز التجمع ومن هم في السلطة اليوم».
لمياء فرحاني: العقل لا يقبل هذا الظلم
من جهتها افادتنا المحامية لمياء الفرحاني شقيقة الشهيد أنيس الفرحاني «شهيد لافايات» ورئيسة جمعية عائلات الشهداء والجرحى ان الحكم لم يتقبله الشعب التونسي بكل اطيافه وشرائحه، قائلة:» بطبيعة سيكون تأثير الصدمة اقوى بالنسبة الينا كعائلات لشهداء وجرحة الثورة، فالاحكام كانت جائرة الى ابعد الحدود ولا يقبلها لا المنطق ولا العقل ».
واضافت لمياء الفرحاني ان الفظيع في الامر هو التكييف القانوني الذي شهدته هذه القضايا حيث تحولت الاحكام من القتل العمد مع سابقية الاضمار الى القتل العمد الى قضايا اعتداء بالعنف الى القتل على وجه الخطأ، مؤكدة ان العقل يرفض تقبل اعادة التكييف بهذه الطريقة مضيفة انها لا تنكر وجود ملفات خالية من الادلة والجناة لكن هذا لا ينفي وجود ادلة دامغة في اكثر من ملف آخر وشهود عيان وصور وفيديوهات واشارت الى انها تنتظر بفارغ الصبر الاطلاع على نص الاحكام ومعرفة الاسباب والمبررات لهذه الاحكام وقالت:» لقد تم اغتيال العدالة والانصاف والحق ان ما عشناه هو اغتيال قانوني للقانون وللثورة التونسية، لكننا لن نستسلم ولن نفرط في حق الشهد والجريح لاننا اصحاب الحق ولاشيء يبرر هذه الاحكام كما اؤكد ان الحرية الملطخة بالدم لا طعم لها ولن نرضخ ما لم تكشف الحقيقة كاملة.
فاطمة الورغي: تجاهلوا رفضنا لهذه المسرحية
اكدت فاطمة الورغي ام الشهيد احمد الورغي أنها مازلت تحت تأثير الصدمة مضيفة انها كانت تنتظر احكاما غير منصفة لكنها لم تنتظر احكاما مجحفة وظالمة الى هذا الحدّ حسب قولها مؤكدة ان القضاء العسكري قضى على آخر احلامهم في الكشف ومعاقبة الجناة وقتل الشهداء مرة اخرى .
واضافت فاطمة الورغي ان عائلات الشهداء ومنذ النطق بالاحكام الابتدائية طالبوا بضرورة توفير محاكم مختصة ورفعوا شعارات من قبل» لا نثق في القضاء العسكري» والقضاء العسكري مسرحية» لكن لم تساندهم اية جهة واليوم يرفع الجميع هذه الشعارات
واشارت فاطمة الى قضية ابنها الشهيد احمد واضحة المعالم حيث تتوفر كل الادلة على الجناة وهناك شهود لكن القاضي اقر في مرحلة اولى حكما بالقتل على وجه الخطأ ثم تحول الحكم الى عدم سماع الدعوى مؤخرا .
اما بخصوص مساندة الاحزاب والجمعيات ورجال السياسة فأكدت محدثتنا ان هذا التحرك جاء متأخرا جدا وان العائلات ناضلت بمفردها طيلة 4 سنوات دون اي مساندة من اي جهة رسمية او حقوقية او اعلامية وخاصة من الاعلام العمومي وقالت:» هنيئا لاعوان الامن بثورتهم لكن اقول ان الجيش الذي لا يحمي المواطنين غير قادر على حماية الوطن».
وختمت بقولها: «لقد خذلنا الجميع بما في ذلك حركة النهضة التي رفضت التصويت على الفصل 15 من الدستور لكننا لن نستسلم ولعلمكم ام الشهيد بكت يوم النطق بالحكم اكثر من بكائها لحظة فراق ابنها لاننا شعرنا ان ابنائنا قتلوا مرة اخرى ..ختاما سيكون مثلنا الاعلى نور الدين حشاد الذي رفض الاستسلام ومازال يبحث عن قاتل أبيه ونحن ايضا لن نستسلم مهما حصل ».
موقف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
من جهتها اصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بلاغا اكدت فيه أنّه إثر وقوفها على مضمون هذه الأحكام لا تتناسب مع خطورة الجرائم المنسوبة إلى المتهمين ولا مع حقيقة الأفعال الثابتة في حقهم وإن تغير وصفها القانوني.
واعتبرت هذه الأحكام متنافية مع الشروط الدنيا للمحاكمة العادلة بل ومكرسة للإفلات من العقاب والتفصي من المسؤولية واكدت الرابطة أن توظيف القضاء العسكري لمعالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ملفات الشهداء والجرحى يتناقض مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة وخاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (المصادق عليه من تونس وأعلى مرتبة من القوانين حسب الدستور) في مادته 14.
معتبرة أن المحاكمات لم ترتق إلى إنصاف الضحايا واحترام كرامتهم وحفظ اعتبارهم ولا إلى كشف حقيقة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المقترفة في حقهم أمرا وتنفيذا، ناهيك أنها لم تضمن أبسط حقوق الدفاع بالنسبة إلى كافة المتضررين.
كما طالبت بإحالة كل قضايا شهداء وجرحى الثورة ومنها هذه القضية إلى محاكم مدنية تستجيب لضمانات الحياد والاستقلالية، وإعادة النظر فيها جميعا تطبيقا للفصل 110 من الدستور الذي نص على أن «المحاكم العسكرية محاكم مختصة في الجرائم العسكرية» ووفقا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة وإحالة كل الملفات ذات العلاقة إلى العدالة الانتقالية للمساءلة والمحاسبة على قواعد العدل والإنصاف.
إعداد: سناء الماجري